بسم الله الرحمن الرحيم


الجنان أربع كما قال اللَّه تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ثم قال
بعد ذلك: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} فتلك أربع إحداهن جنة الخلد، والأخرى
جنة الفردوس، والثالثة جنة المأوى، والرابعة جنة عدن، وأبوابها ثمانية،
وإنما عرف أن أبوابها ثمانية بالخبر وليس في كتاب اللَّه تعالى ذكر عدد
الأبواب. وقال بعضهم: في كتاب اللَّه تعالى دليل على أن أبوابها ثمانية
لأنه تعالى قال: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} بالواو وقال في ذكر
النار: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} فلم يذكر الواو وذكرها في أبواب
الجنة وذلك دليل على أنها ثمانية، لأن الواو تذكر عند الثمانية، ألا ترى
إلى قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ}
فلم يذكر الواو في الرابع والسادس، ثم قال: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}
وقال تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} ثم قال عند ذكر الثامن: {وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ}
وقال: {خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ} ثم قال: {وَأَبْكَاراً} فذكر الواو عند ذكر
الثمانية، والصحيح أن يقال إنما عرف أن أبوابها ثمانية بالخبر.
وخازن الجنة يقال له رضوان قد ألبس الرحمة والرأفة

وأما النيران فسبعة بعضها فوق بعض وذلك لقوله تعالى: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ
بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} فأولها جهنم وهي أعلى الأبواب وهي التي عليها ممر
الخلق يوم القيامة قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} والثانية لظى، والثالثة
الحطمة، والرابعة السعير، والخامسة سقر، والسادسة الجحيم، والسابعة الهاوية
وهي أسفل النيران وفيها أشد العذاب، أعدّت للزنادقة وهم المنافقون،
وخازن النار يقال له مالك، ولقد ألبس الغضب والهيبة،

اللَّهم أنقذنا منها بفضلك وجودك يا أرحم الراحمين آمين.‏

وآخره أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى ءاله وصحبه،