من مذكرات الشهيد القائد د.عبد العزيز الرنتيسي كتبها حول ذكريات الأسر
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
من مذكرات الشهيد القائد د.عبد العزيز الرنتيسي كتبها حول ذكريات الأسر
في
عام 1991 كنت في معتقل النقب أقضي حكماً إدارياً لمدّة عام، وكان
المعتقلون منذ افتتاح هذا المعتقل عام 1988 حتى الوقت محرومين من زيارات
ذويهم، ومع إلحاح المعتقلين واحتجاجاتهم المتكرّرة بدت هناك استعدادات لدى
إدارة المعتقل للسماح للأهل بالزيارة، وقام مدير عام المعتقل وهو صاحب
رتبة عسكرية رفيعة ويُدعى "شلتئيل" بطلب عقد لقاء مع ممثّلي المعتقلين،
ولقد اجتمع ممثلون عن مختلف الفصائل في خيمة من خيام المعتقل لتدارس الأمر
قبل انعقاد اللقاء مع الإدارة، وأحبّ المعتقلون أن أرافقهم وقد فعلت.
وأثناء لقائنا في الخيمة سمعت بعض الشباب يحذر من "شلتئيل" ويضخّم من شأنه
ويخشى من غضبه، فشعرت أن له هيبة في نفوس بعض الشباب، وهذا لم يرق لي
ولكني لم أعقب بشيء، ثمّ جاءت حافلة في يوم اللقاء لتقلنا إلى ديوان
"شلتئيل"، وأخذت وأنا في الحافلة أفكّر في استعلاء هذا الرجل وهيبته في
نفوس الشباب وكيفيّة انتزاع هذه الهيبة من نفوسهم، ولقد وطّنت نفسي على
فعل شيء ما ولكني لا أعلمه، ولكن كان لدي استعداد تام أن أتصدى له إذا
تصرّف بطريقة لا تليق. ووصلت الحافلة ودخلنا ديوانه، فكان عن يميننا داخل
القاعة منصّة مرتفعة حوالي 30 سم
عن باقي الغرفة، وعليها عدد من الكراسي، وعن شمالنا كانت هناك عدّة صفوف
من الكراسي معدّة لنا، فجاء رؤساء الأقسام المختلفة وجميعهم من الحاصلين
على رتب عسكرية في جيش الاحتلال، ومن بينهم مسؤول أحد الأقسام وكان في
الماضي نائباً للحاكم العسكري لمدينة خانيونس وكان يعرفني مسبقاً، وكان
نائب "شلتئيل" أيضاً يجلس على المنصّة مع رؤساء الأقسام. وجلس المعتقلون
الممثّلون لكافّة الفصائل على الكراسي المعدّة لهم وجهاً لوجه مع رؤساء
الأقسام، تفصلنا عنهم مسافة لا تزيد على مترين، ولقد جلست في الصفّ الأوّل
في الكرسي الأقرب إلى باب الديوان. ثمّ بعد وقت قليل دخل "شلتئيل" وكان
رجلاً طويل القامة ضخم الجثّة، فالتفتَ بطريقة عسكرية إلى المنصّة وأشار
بيده يدعوهم إلى القيام له فقاموا، ثم التفت إلينا بطريقة عسكرية وأشار
بيده فوقف الشباب وبقيت جالساً، وكان هذا اللقاء هو اللقاء الأوّل بيني
وبينه، فاقترب مني وقال لماذا لا تقف، فقلت له أنا لا أقف إلا لله وأنت
لست إلهاً ولكنك مجرد إنسان وأنا لا أقف للبشر، فقال يجب عليك أن تقف،
فأقسمت بالله يميناً مغلظاً ألا أقف، فأصبح في حالة من الحرج الشديد ولم
يدرِ ما يفعل. حاول العقيد
سامي أبو سمهدانة أحد قادة فتح في المعتقل التدخّل وأخبره أنني إذا قررت
لا أتراجع، فرفض الاستماع إليه وأصرّ على موقفه، ولكني أبَيت بشدّة، فقال
نائبه يا دكتور هنا يوجد بروتوكول يجب أن يُحترم، فقلت له ديني أولى
بالاحترام ولا يجيز لي الإسلام أن أقف تعظيماً لمخلوق، فقال وما الحلّ؟
قلت إما أن أبقى جالساً أو أعود إلى خيمتي، فقال "شلتئيل" عد إذن إلى
خيمتك، فخرجت من الديوان ولم يخرج معي إلا الأخ المهندس إبراهيم رضوان
والأخ عبد العزيز الخالدي، وكلاهما من حماس. وبعد أيام قلائل كان قد مضى
على اعتقالي تسعة أشهر ولم يتبق إلا ثلاثة أشهر فقط للإفراج عني، فإذا بهم
يستدعونني ويطلبون مني أن أجمع متاعي وهذا يعني في مفهوم المعتقلات ترحيل
ولكن لا ندري إلى أين، وكانت تنتظرني حافلة، فما إن ارتقيتها حتى وجدت كلا
الأخوين فيها وقد أُحضروا من أقسامهم فأدركت أنها عقوبة ولا يوجد عقوبات
سوى الزنازين. وانطلقت بنا الحافلة إلى "معتقل سبعة" حيث يوجد خمسون
زنزانة، وما إن وصلنا حتى تسلّمَنا مسؤول الزنازين ويُدعى "نير"، الذي
أخبرنا وهو ممتعض بأنّنا معاقبون بوضعنا في زنازين انفرادية لمدّة ثلاثة
أشهر، وتبيّن لنا فيما بعد
أن سبب امتعاضه اعتباره أن العقوبة كانت لأسباب شخصية، أي أنه لم يرق له
أن ينتقم "شلتئيل" لنفسه بهذه الطريقة، خاصّة أن أقصى عقوبة من العقوبات
اليومية الروتينية لا تصل إلى سبعة أيام، ولذلك لم يكن سيّئاً في
استقبالنا كما يفعل عادة، وربّما أن السنّ والدرجة العلميّة لعبت دوراً في
التأثير عليه.
وأخذنا إلى الزنازين المخصّصة لنا كل في زنزانته وحيداً، وكنّا نخرج
يومياً لمدّة ساعة ما عدا يوم السبت في ساحة محاطة بالأسلاك الشائكة حيث
الدورة والحمّامات، لأن الزنازين لم تكن بها دورة مياه ولا حمّام. وبدأنا
رحلتنا مع القرآن، أما أنا فأراجعه بعد أن منّ الله عليّ بإكمال حفظه من
قبل عام 1990 حيث كنت والشيخ أحمد ياسين في زنزانة واحدة في معتقل
"كفاريونه"، وأما المهندس إبراهيم فبدأ بحفظ القرآن في الزنزانة وكان
رجلاً ذكياً جداً ويجيد العبريّة بطلاقة، وقد تمكّن من حفظ القرآن قبل
انقضاء الثلاثة أشهر والحمد لله رب العالمين
عام 1991 كنت في معتقل النقب أقضي حكماً إدارياً لمدّة عام، وكان
المعتقلون منذ افتتاح هذا المعتقل عام 1988 حتى الوقت محرومين من زيارات
ذويهم، ومع إلحاح المعتقلين واحتجاجاتهم المتكرّرة بدت هناك استعدادات لدى
إدارة المعتقل للسماح للأهل بالزيارة، وقام مدير عام المعتقل وهو صاحب
رتبة عسكرية رفيعة ويُدعى "شلتئيل" بطلب عقد لقاء مع ممثّلي المعتقلين،
ولقد اجتمع ممثلون عن مختلف الفصائل في خيمة من خيام المعتقل لتدارس الأمر
قبل انعقاد اللقاء مع الإدارة، وأحبّ المعتقلون أن أرافقهم وقد فعلت.
وأثناء لقائنا في الخيمة سمعت بعض الشباب يحذر من "شلتئيل" ويضخّم من شأنه
ويخشى من غضبه، فشعرت أن له هيبة في نفوس بعض الشباب، وهذا لم يرق لي
ولكني لم أعقب بشيء، ثمّ جاءت حافلة في يوم اللقاء لتقلنا إلى ديوان
"شلتئيل"، وأخذت وأنا في الحافلة أفكّر في استعلاء هذا الرجل وهيبته في
نفوس الشباب وكيفيّة انتزاع هذه الهيبة من نفوسهم، ولقد وطّنت نفسي على
فعل شيء ما ولكني لا أعلمه، ولكن كان لدي استعداد تام أن أتصدى له إذا
تصرّف بطريقة لا تليق. ووصلت الحافلة ودخلنا ديوانه، فكان عن يميننا داخل
القاعة منصّة مرتفعة حوالي 30 سم
عن باقي الغرفة، وعليها عدد من الكراسي، وعن شمالنا كانت هناك عدّة صفوف
من الكراسي معدّة لنا، فجاء رؤساء الأقسام المختلفة وجميعهم من الحاصلين
على رتب عسكرية في جيش الاحتلال، ومن بينهم مسؤول أحد الأقسام وكان في
الماضي نائباً للحاكم العسكري لمدينة خانيونس وكان يعرفني مسبقاً، وكان
نائب "شلتئيل" أيضاً يجلس على المنصّة مع رؤساء الأقسام. وجلس المعتقلون
الممثّلون لكافّة الفصائل على الكراسي المعدّة لهم وجهاً لوجه مع رؤساء
الأقسام، تفصلنا عنهم مسافة لا تزيد على مترين، ولقد جلست في الصفّ الأوّل
في الكرسي الأقرب إلى باب الديوان. ثمّ بعد وقت قليل دخل "شلتئيل" وكان
رجلاً طويل القامة ضخم الجثّة، فالتفتَ بطريقة عسكرية إلى المنصّة وأشار
بيده يدعوهم إلى القيام له فقاموا، ثم التفت إلينا بطريقة عسكرية وأشار
بيده فوقف الشباب وبقيت جالساً، وكان هذا اللقاء هو اللقاء الأوّل بيني
وبينه، فاقترب مني وقال لماذا لا تقف، فقلت له أنا لا أقف إلا لله وأنت
لست إلهاً ولكنك مجرد إنسان وأنا لا أقف للبشر، فقال يجب عليك أن تقف،
فأقسمت بالله يميناً مغلظاً ألا أقف، فأصبح في حالة من الحرج الشديد ولم
يدرِ ما يفعل. حاول العقيد
سامي أبو سمهدانة أحد قادة فتح في المعتقل التدخّل وأخبره أنني إذا قررت
لا أتراجع، فرفض الاستماع إليه وأصرّ على موقفه، ولكني أبَيت بشدّة، فقال
نائبه يا دكتور هنا يوجد بروتوكول يجب أن يُحترم، فقلت له ديني أولى
بالاحترام ولا يجيز لي الإسلام أن أقف تعظيماً لمخلوق، فقال وما الحلّ؟
قلت إما أن أبقى جالساً أو أعود إلى خيمتي، فقال "شلتئيل" عد إذن إلى
خيمتك، فخرجت من الديوان ولم يخرج معي إلا الأخ المهندس إبراهيم رضوان
والأخ عبد العزيز الخالدي، وكلاهما من حماس. وبعد أيام قلائل كان قد مضى
على اعتقالي تسعة أشهر ولم يتبق إلا ثلاثة أشهر فقط للإفراج عني، فإذا بهم
يستدعونني ويطلبون مني أن أجمع متاعي وهذا يعني في مفهوم المعتقلات ترحيل
ولكن لا ندري إلى أين، وكانت تنتظرني حافلة، فما إن ارتقيتها حتى وجدت كلا
الأخوين فيها وقد أُحضروا من أقسامهم فأدركت أنها عقوبة ولا يوجد عقوبات
سوى الزنازين. وانطلقت بنا الحافلة إلى "معتقل سبعة" حيث يوجد خمسون
زنزانة، وما إن وصلنا حتى تسلّمَنا مسؤول الزنازين ويُدعى "نير"، الذي
أخبرنا وهو ممتعض بأنّنا معاقبون بوضعنا في زنازين انفرادية لمدّة ثلاثة
أشهر، وتبيّن لنا فيما بعد
أن سبب امتعاضه اعتباره أن العقوبة كانت لأسباب شخصية، أي أنه لم يرق له
أن ينتقم "شلتئيل" لنفسه بهذه الطريقة، خاصّة أن أقصى عقوبة من العقوبات
اليومية الروتينية لا تصل إلى سبعة أيام، ولذلك لم يكن سيّئاً في
استقبالنا كما يفعل عادة، وربّما أن السنّ والدرجة العلميّة لعبت دوراً في
التأثير عليه.
وأخذنا إلى الزنازين المخصّصة لنا كل في زنزانته وحيداً، وكنّا نخرج
يومياً لمدّة ساعة ما عدا يوم السبت في ساحة محاطة بالأسلاك الشائكة حيث
الدورة والحمّامات، لأن الزنازين لم تكن بها دورة مياه ولا حمّام. وبدأنا
رحلتنا مع القرآن، أما أنا فأراجعه بعد أن منّ الله عليّ بإكمال حفظه من
قبل عام 1990 حيث كنت والشيخ أحمد ياسين في زنزانة واحدة في معتقل
"كفاريونه"، وأما المهندس إبراهيم فبدأ بحفظ القرآن في الزنزانة وكان
رجلاً ذكياً جداً ويجيد العبريّة بطلاقة، وقد تمكّن من حفظ القرآن قبل
انقضاء الثلاثة أشهر والحمد لله رب العالمين
Ayman Gad- مشرف
- عدد المساهمات : 56
نقاط : 107
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 40
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين
رحمك الله يا أسد فلسطين
Ayman Gad- مشرف
- عدد المساهمات : 56
نقاط : 107
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 40
رد: من مذكرات الشهيد القائد د.عبد العزيز الرنتيسي كتبها حول ذكريات الأسر
رحم الله الرجل
اللهم حرر المسجد الاقصى الأسير
اللهم حرر المسجد الاقصى الأسير
محمد عمران- مشرف
- عدد المساهمات : 245
نقاط : 542
تاريخ التسجيل : 17/03/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 11, 2016 10:19 am من طرف riyadsuper
» mayo clinic internal medicine
الجمعة سبتمبر 09, 2016 7:13 am من طرف دكتور احمد عبد العاطي الخ
» فيديوهات رمد لطلاب الفرقة الرابعة
الأربعاء يناير 27, 2016 7:05 am من طرف محمد عمران
» كتاب رائع فى الاشعة للتحميل المجانى
الإثنين يوليو 20, 2015 6:02 pm من طرف norhan helal
» الف مبروك المنتدى .. وان شاء الله متميز.. وهنا بطاقه تعارف للجميع
الإثنين سبتمبر 16, 2013 4:55 pm من طرف mostafaamin15
» لن تجده الا هنا : نسخة من كتاب قسم التخدير والعناية المركزة للفرقة السادسة
السبت يونيو 08, 2013 8:58 pm من طرف حسن مارد
» استفسار عاجل
الأربعاء يونيو 05, 2013 12:39 pm من طرف على امين
» المشاركه في المنتدا
الثلاثاء مايو 07, 2013 8:11 pm من طرف الاسمر
» استفسار ضروري لو سمحتوا
الإثنين أبريل 22, 2013 5:25 pm من طرف dr haneen